Matanin Larabci na Hudubar



السلام على الأخوة المسلمين والأخوات المسلمات في شتى أنحاء العالم وخصوصاً الشعب العراقي المظلوم المضطهد.

إن الحوادث التي يمر بها العراق هذه الأيام، مهمة جداً ومعقدة ومصيرية. فرغم أن سقوط نظام صدام الذي شكل نموذجاً للظلم والقسوة والعنف وزج بالشعب العراقي لسنين طويلة في سجن استبداده وقمعه الدموي يشكل يوماً للفرحة التاريخية، إلا أن المصائب الفادحة التي جرها الهجوم الأمريكي البريطاني على الشعب وما يخططه المهاجمون لمستقبل هذا الشعب يترك طعمه المر في ذائقة هذا الشعب الغيور الشريف ويحزن كل المسلمين والأحرار في العالم.

إن المذابح التي طالت الشعب الأعزل وأنات الثكالى والمصابين وبكاء الأطفال الجائعين والمجروحين المتروكين دون علاج وتهديم مساكن الناس واعتقال وأسر العابرين بحجج واهية والاعتداء على حرمة العوائل وفرض جو الرعب والوحشة الشاملة وتوجيه الإهانات والإذلال للرجال الغيارى أمام أعين أبنائهم ونسائهم والقضاء على البني التحتية الحيوية للبلاد وإلقاء الآلاف من القنابل والصواريخ وحمم المدافع على المدن والتي يعتبر كل منها لوحدة جريمة حرب، أن كل ذلك منح المهاجمين قصب السبق على جرائم صدام التي قام بها لسنين متمادية.

ولن يشعر أي شعب بأمضّ من أن يرى الجنود الأجانب مغترين بفتحهم يطأون بيته وأرضه بكل حرية ويتحكمون في مصيره.

لقد أدعى الأمريكان والأنجليز أنهم قاموا بهجومهم هذا لإزاحة صدام وجلب الديمقراطية والحرية للعراق وتجاهلوا ـ عمداً ـ كونهم هم الذين جهزوا صداماً القاسي الظالم ودعموه بكل ما يمهد له القيام بتلك الأعمال الإجرامية القاسية وأنهم هم الذين أرخوا له العنان ليقوم بمذبحه عام واحد وتسعين الرهيبة ولم يزجروه حتى برمشة عين وهم الذين ساعدوه ليستخدم السلاح الكيماوي ضد الإيرانيين بل وضد أهالي "حلبجة" وغضوا الطرف عنه وهم الذين قدموا له في حرب السنوات الثمان التي فرضها على الجمهورية الإسلامية كل ما يدعمه من سلاح وإعلام وتغاضوا عن كل المصائب التي كان يصبها على الشعب العراقي ليلاً ونهاراً.

إن ادعاء أمريكا وانجلترا بإهداء الحرية للشعب العراقي يعد من أكبر المهازل أنهم في الواقع يعملون للسيطرة على العراق وعلى النفط وعلى الشرق الأوسط وقمع الانتفاضة الفلسطينية ووأد الصحوة الإسلامية وأن تعيين حاكم عسكري أجنبي على العراق يشكل إهانة للحرية والسيادة الشعبية في العراق.

أنهم يخططون لمحو الهوية الإسلامية والوطنية للعراق وتحويله إلى مركز للتسلط الأمريكي على كل الشرق الأوسط ومنابعه وذخائره القيمة البشرية والمادية.

إنهم لا يرون الشعب العراقي قادراً على تقرير مصيره بنفسه ومالكاً لحقوقه الطبيعية المسلمة في أرضه. إن أفضل العناصر العراقية ـ في رأيهم ـ هي تلك التي تقدم خدمة أكبر للمعتدين الأجانب وتدير ظهرها لشعبها ووطنها.

إن الوجدان العام للشعب العراقي وكل الأحرار والتاريخ يحكم على أي خدمة لأمريكا كي تحقق أهدافها الاستعمارية اللئيمة بأنها خيانة للعراق وشعبه وتأريخه.

إن الحلم الذي يحلم به الأمريكان والإنجليز سوف لن يتحقق ذلك أنه وفي كل مكان تقف المقاومة بلغتها وأسلوبها بوجه الاعتداء ولغته وسلوكه ولن يكون الشعب العراقي المعروف بغيرته وحميته مستثنى من هذه القاعدة.

لقد قام الشعب الفلسطيني المظلوم عبر مقاومته الباسلة بسلب العدو الصهيوني السفاك رغم شدة بطشة قدرته على كسر شوكة المقاومة واستطاع الشعب الإيراني المؤمن الثائر عبر وحدته واستقامته أن يفشل الحرب العدوانية التي فرضها نظام صدام بمعونة أمريكا وانجلترا ـ نفسيهما ـ ودعم الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي السابق على مستوى السلاح والإعلام والسياسة ويطرد العدو إلى خارج الحدود.

لقد عانت المدن الإيرانية لسنوات وعلى يد صدام الظالم هذا من قصف الصواريخ والقنابل وضرب شبابها المضحي الحرب بالقنابل الكيماوية. إلا أن مقاومة الشعب تبطل كل أساطير الديكتاتورية والقمع والاعتداء.

إن المهاجمين استطاعوا أن يقهروا النظام البعثي وهو ما نتوقعه لنظام لا يحميه شعبه بل يعتمد على أجهزة وعناصر قمعية إلا أن هؤلاء المهاجمين لن يستطيعوا أن يقهروا الشعب العراقي.

وإذا أرادوا أن يتحاشوا مواجهة الشعب العراقي فإن عليهم أن يخلوا العراق من جنودهم فوراً ويمتنعوا تماماً عن التدخل هو في مصير العراق وشعبه.

إن الحكم في العراق والمصادر والثروات العراقية هو ملك للشعب العراقي وهو قادر على تعيين حكومته الآتية ولو كان الأمريكيون صادقين في ادعائهم للديمقراطية فإن عليهم أن لا يتدخلوا في الشؤون العراقية ليقوم الشعب بنفسه عبر الاستفتاء العام بتعيين نظامه المستقبلي وانتخاب مسؤوليه وتعيين الأسلوب المناسب لإعادة أعمار ما هدمه هؤلاء المهاجمون. أن موقف الحكومة والشعب الإيراني واضح.

لقد خالفنا نظام صدام القمعي الظالم واعترضنا على اعتداء الأجانب على العراق وبالنسبة للحرب بين صدام وأمريكا وإنجلترا اعتبرنا الطرفين ظالمين ولم نقدم أي عون لأي منهما وأعلنا عدم الانحياز لأي منهما ولكنا لن نقف على الحياد في مجال الصراع بين المحتلين والشعب العراقي.

إن المحتل معتد مدان وإن الشعب المقاوم محق ومظلوم وإن دعمنا المعنوي والسياسي لكل شعب مظلوم معتدى عليه  هو سبيلنا الذي لا نحيد عنه.

إن الشعب العراقي اليوم يتحمل مسؤولية ضخمة وأن أي تفريط أو تمزق في الموقف يرسم في طياته مستقبلاً صعباً لهم.

فالوحدة الوطنية والتواجد في الساحة والمساهمة في تشكيل الحكومة المستقلة المدافعة عـن الهوية الإسلامية هي من كبر واجبات الشعب العراقي وخصوصاً العلماء والمثقفين والنخب العلمية والسياسية.

والله تعالى أسأل أن يوفق امتنا الإسلامية للسير على درب التزكية والتقوى لتحقيق أهدافها المنشودة إنه هو السميع المجيد.

"وقل أعلموا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

وأستغفر الله لي ولكم

بسم الله الرحمن الرحيم

{قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد}

والسلام عليكم ورحمة الله